التعليق على قرار
الخطأ الجسيم :الاعتداء والدفاع عن النفس
محكمة النقض القرار عدد : 357 بتاريخ 20120223في الملف الاجتماعي عدد : 1030/5/1/2010
عقد شغل – إنهاء – الشجار داخل مقر العمل – خطأ جسيم – فصل تأديبي.
يدخل في خانة الأخطاء الجسيمة المبررة للفصل دون تعويض طبقا لأحكام المادة 39 من مدونة الشغل الشجار داخل مقر العمل ، بصرف النظر عما إذا كان المعني به معتد أو معتدى عليه.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ، ومن القرار المطعون فيه المشار إلى مراجعه أعلاه أن الطالب تقدم بمقال عرض فيه أنه كان يشتغل لدى المطلوبة منذ 16/8/1995 ، إلى أن فوجئ بطرده من عمله بتاريخ 12/11/2007 دون سبب مطالبا بما هو مسطر بمقاله ، وبعد تمام الإجراءات أصدرت المحكمة الابتدائية حكما قضى على المدعى عليها بأدائها للمدعي عن باقي الأجرة مبلغ 927,36 درهم وعن العطلة السنوية مبلغ 1391,04 درهم ، مع تسليمه شهادة العمل وشمول الحكم بالنفاذ المعجل في حدود العطلة وباقي الأجرة ، وتحميلها الصائر بالنسبة وبرفض باقي الطلبات ، استأنفه الأجير فقضت محكمة الاستئناف بتأييده وذلك بمقتضى قرارها المطلوب نقضه.في شأن الوسيلتين المعتمدتين في النقض مجتمعتين : يعيب الطاعن على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني سليم وخرق القانون المتخذ من خرق مقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل ، ذلك أنه جاء فيه كون مجرد المشاجرة داخل مقر العمل تعتبر خطأ جسيما بغض النظر عن مبادرته إلى الخطأ من عدمها وهو تعليل ناقص لعدم تمييزه بين حالة الاعتداء والشجار داخل مقر العمل الذي يعتبر خطأ جسيما وبين الدفاع عن النفس ، إذ لا يمكن لأي شخص تعرض للاعتداء أن يبادر للدفاع عن نفسه ، وأن الشهود في النازلة أكدوا عدم معاينتهم أنه هو من بادر بالاعتداء على زميله المسمى سعيد بل على العكس من ذلك ، فإن الشاهد وهيب أكد بأن هذا الأخير (سعيد) هو البادئ بالاعتداء ، وقد اجمعوا على أنه – الطاعن – كان في حالة دفاع عن النفس ولم يصدر منه أي سب أو شتم ، والمادة 39 من مدونة الشغل إذا كانت قد اعتبرت « الاعتداء بالضرب » كخطأ جسيم فقد اشترطت وجود اعتداء بالضرب وليس مقاومة للضرب أو بالمعنى القانوني الدفاع الشرعي ، واستعملت كلمة « اعتداء » بدلا من كلمة « مضاربة » التي كانت مستعملة في الفصل 6 من قرار 23/10/1948 رفعا للبس الذي كان يشوب هذا الفصل ، والعمل القضائي في أعلى درجاته استقر على اعتماد عنصر العمد من طرف الأجير المنسوب إليه الخطأ لا الذي يكون هو المعتدى عليه مما يستفاد أن رد الاعتداء لا يعتبر خطأ يستحق عنه الفصل خلافا لما ذهب إليه القرار الذي كان ناقص التعليل وعديم الأساس القانوني وهو ما يعرضه للنقض. جميع حقوق النشر محفوظة – أرتميسلكن ، حيث إنه وبمقتضى المادة 20 من مدونة الشغل يكون الأجير مسؤولا في إطار شغله عن فعله ، كما أن عليه الامتثال لأخلاقيات المهنة وفق ما تقضي بذلك المادة 21 من نفس المدونة ، وهو ما يستوجب التقيد بضوابط العمل ومنها عدم إحداث الفوضى والشغب داخل مقر العمل ، والثابت من معطيات الملف دخول الطاعن في شجار مع أحد زملائه بمناسبة القيام بالعمل وهو ما يعد إخلالا بظروف الشغل بصرف النظر عمن كان منهما سببا في الشجار ومن منهما اعتدى على الآخر مما لا موجب معه للقول بأن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي ، والقرار لما اعتبر ما بدر منه يشكل خطأ جسيما بمفهوم المادة 39 من ذات المدونة يبرر فصله من عمله يكون قد طبق القانون المستدل به تطبيقا سليما وجاء معللا بما فيه الكفاية والوسيلتان لا سند لهما.لهذه الأسبابقضت محكمة النقض برفض الطلب.
الأطرافالهيئة الحاكمةالرئيس : السيدة مليكة بنزاهير – المقرر : السيد عبد اللطيف الغازي – المحامي العام : السيد محمد صادق
مفهوم الخطأ الجسيم المبني عليه القرار
لقد أسسالقرار قضائه على اعتبار أن الطاعن دخل في شجار ، واعتبر دخول الأجير في شجار يعد خطأ جسيما بمفهوم المادة 39 من مدونة الشغل
بالرجوع للفصل المذكور فإنه يتحدث عن الاعتداء بالضرب ، والاعتداء هو فعل إيجابي ومادي يتمثل في المبادرة إلى الاعتداء بفعل الضرب ،
فهل يختلف عنه إذا أجبر الأجير على الدخول في شجار ردا لفعل الاعتداء الموجه إليه ولم يكن هو المبادر إلى فعل الضرب .؟
القرار يساوي بين فعل الدخول في الشجار سواء كان هو البادء بالاعتداء أو المدافع عن الاعتداء .
وهنا يطرح سؤال آخر وهو هل لايجوز للأجير أن يستعمل حقا يخوله له القانون الجنائي وهو حقه في الدفاع الشرعي ؟
أليس هناك تعارض بين القرار والحق في الدفاع الشرعي ؟
من هنا نقول أنه إذا لم يكن القرار يميز بين فعل الاعتداء وفعل الدفاع فإنه يكون قد خرج عن مفهوم المادة 39 من مدونة الشغل التي تحدد وتخص فعل الاعتداء بالذكر ولم تتعداه إلى فعل الدفاع .
مما يجعل القرار قد توسع في مفهوم الاعتداء وتعارض مع المادة 11 من مدونة الشغل التي قررت الأخد بالمفهوم الأصلح للأجير.
اعتماد القرار لمفهوم الخطأ الجسيم من الفصول 20و21 من مدونة الشغل :
لقد اعتمد القرار في إعطاء فعل الاعتداء الوارد في الفصل 39 مفهوما أوسع ليشمل الفعلين الاعتداء والدفاع من الاتزامات الملقاة على عاتق الأجير والمتمثلة في التقيد بضوابط العمل ومنها عدم إحداث الفوضى والشغب .
بالرجوع إلى المادة 20 و 21 من مدونة الشغل فإنها لاتنص على هذه الضوابط لامن قريب ولامن بعيد وإنما تتحدث عن كون الأجير مسؤول في عمله عن فعله وإهماله وتقصيره وعدم احتياط والامتتال لأوامر المشغل .
وليس هناك أي ذكر لما جاء في القرار .
ومن تم فإن فعل الدفاع لايمكن أن يكون إهمالا ولاعدم احتياط ولا تقصير بل هو فعل دفاع .
كما أنه ليس خارج عن الضوابط القانونية التي يتعين على الأجير احترامها ، وفي الحقيقة هذا الاتزام المتمثل في احترام الضوابط القانونية هو التزام عام يقع على الجميع ولاحاجة للتذكير به .
فهل إذا استفاد الأجير من حق الدفاع الشرعي كما حدده القانون يكون الأجير غير ممتثل للضوابط القانونية ؟أليس الدفاع الشرعي رخصة قانونية ؟
فعل الاعتداء وفعل التهديد بالاعتداء
إن المشرع المغربي لم يدذل في مفهوم المادة 39 إلا فعل الاعتداء بالضرب ، ولم يتحدث عن فعل التهديد بالاعتداء ، فإدا قام الأجير بتهديد رب العمل بالاعتداء عليه جسديا ،فهل يكون الأجير مرتكبا خطأ جسيما يرتب الفصل من العمل دون تعويض ؟
في رأيي فإن فعل التهديد بالاعتداء ليس هو الاعتداء ولكن هو فعل مخل بالآداب والاحترام الواجب لرب العمل أو لرئيس في العمل وكذلك لأجير من نفس الفئة أو أقل داخل العمل وبالتالي لإفي رأيي يجب التشدد في مثل هذه السلوكيات لجعلها مشمولة بالعقوبة .المخولة للفصل دون تعويض.
في المقابل المشرع الفرنسي نص على فعل التهديد صراحة واعتبره من الأخطاء الجسيمة المخولة للفصل من العمل دون تعويض ,
.L122-6 ,L122-8, L122-9.
المشرع المغربي لم يتحدث عن التهديد ولكنه أورد في الفقرة الأخيرة من المادة 39 من مدونة الشغل مفهوم ارتكاب الأجير أي نوع من أنواع العنف ، في نضرنا فإنها تسعف في اعتبار التهديد بالاعتداء نوعا من العنف وإن كانت الفقرة الثانية تربطه بالرغبة في عرقلة العمل.
Write a comment: