...

لجوء المستعمل إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت ، لا يجعل منه مشغلا بالمفهوم القانوني ، وإنما تبقى علاقة التبعية قائمة بين مقاولة التشغيل المؤقت والأجير الذي وضع رهن إشارة المقاولة المستعملة ما دامت مقاولة التشغيل المؤقت هي التي تشغل الأجراء وتؤدي لهم أجورهم ، وتفي بكل الالتزامات القانونية الناشئة عن تنفيذ عقد الشغل أو إنهائه.نقض وإحالة

المجلس الأعلى (الرباط)القرار عدد : 981 بتاريخ 20110818الملف الاجتماعي عدد : 1691/5/1/2010

باسم جلالة الملك
حيث يستفاد من مستندات الملف ، ومن القرار المطعون فيه ادعاء المطلوب الأجير بأنه كان يشتغل لدى المدعى عليها الطالبة منذ 2003 بصفة مستمرة بأجرة شهرية قدرها 2000 درهم إلى أن فوجئ بطردها له في 11/9/2007 ملتمسا الحكم له بالتعويضات كما فصلت في المقال الافتتاحي فقضت له ابتدائية سيدي سليمان بالمستحق عن المطلوب استأنفته الطالبة أصليا والمطلوب فرعيا فأيدته محكمة الاستئناف بالقرار المطعون فيه.في شأن الوسيلة الأولى :تعيب الطاعنة على القرار خرق القانون على الخصوص الفصل 345/4 من قانون المسطرة المدنية نقصان التعليل الموازي لانعدامه وانعدام الأساس القانوني ، ذلك أن محكمة الموضوع لها سلطة تقديرية في تقييم الحجج المعروضة عليها ولا رقابة عليها في ذلك من طرف المجلي الأعلى إلا من حيث التعليل الذي يجب أن يكون صحيحا وأن يكون منسجما وإلا تعرض للنقض ، وذلك أنه علل قضاءه بالتالي : « وحيث تمسكت المستأنفة بأنها مجرد شركة مستعملة وأن المدخلة في الدعوى باعتبارها مقاولة للتشغيل المؤقت أبرمت معها عقدا تجاريا قصد تزويدها باليد العاملة وتدبير أوراشها المؤقتة » وحيث أن الثابت من العقد المستدل به من طرف المستأنفة والمتعلق بإدارة الأجراء أنه تم إبرامه بين هذه الأخيرة والمدخلة في الدعوى وهو يتضمن الالتزامات المتبادلة بينهما ولم يكن المستأنف عليه طرفا فيه وبالتالي فإنه لا يلزم سوى طرفيه تطبيقا لمبدأ نسبية العقود ولا يمكن تطبيق بنوده على الأجير ، إضافة إلى أنه أنشئ ب 1/1/2005 في حين أن علاقة الشغل ابتدأت بين المستأنفة والأجير منذ سنة 2003 حسب الثابت من شهادة الشهود ، وحيث إنه بالنسبة للمدخلة في الدعوى وإن أقرت في جوابها أمام محكمة الدرجة الأولى بقيام علاقة الشغل مع المستأنف عليه إلا أنها حصرتها في مدة خمسة أشهر وذلك بمقتضى عقد محدد المدة والذي أدلت بنسخة منه » في حين أن العارضة لجأت ابتداء من 1/9/2001 إلى الوساطة في التشغيل ، مع وكالات خصوصية متعددة ، وبحكم أن أشغالها تكتسي طابعا موسميا وتحتاج إلى يد عاملة غير دائمة أبرمت مع وكالة التشغيل المؤقت شركة ترياد عقدا لإدارة الأجراء وهو عقد تجاري عام مؤرخ في 1/1/2005 بداية مشروعها في اللجوء إلى هذا الوسيط في التشغيل وأدلت به للمحكمة من أجل إثبات لجوئها إلى الوساطة في الاستخدام ، وأن القرار باستبعاده لهذا العقد ينسف إقرار شركة ترياد ، الإقرار الذي يجعل العقد منتجا في النازلة ، ويتوفر على كل العناصر الأساسية لصحته ويتضمن كل الشروط المشروعة التي يعتبرها طرفاه أساسية وتعبر عن إرادتهما ليكون بالتالي العقد المدلى به تاما وصحيحا ومستوفيا لشروط الدليل الكتابي ويكون تعليل القرار ناقصا كما أنه علل قضاءه بما يلي : »… فإنه قدم الشهود أمام المحكمة الابتدائية التي قامت بإجراء بحث استمع خلاله إلى الطرفين وكذا الشهود بعد التأكد من هويتهم ونفيهم لموانع الشهادة وأدائهم اليمين القانونية ، فجاءت شهادتهم واضحة ومنسجمة ومتطابقة مع ادعائه ، وبالتالي شكلت حجة كافية ودليلا قويا ومقبولا على قيام علاقة الشغل بين الطرفين واستمرارها خلال المدة موضوع الدعوى مما جعل المحكمة تطمئن إليها وتعتمدها ». ففيما يتعلق بشهادة الشهود فإن علمهما انحصر فقط في تردد المطلوب على مقر الشركة ، وأن لا أحد ينازع في هذا الأمر ذلك أن مكان تنفيذ عقد الشغل الذي يربط المطلوب بشركة ترياد هو مقرها بسيدي سليمان ، وإنه على خلاف معظم نوازل نزاعات الشغل التي تقتصر أطرافها على مشغل وأجير ، تكون الشهادة بالتردد على المحل كافية للقول بقيام علاقة الشغل في حين أن النازلة ثلاثية الأطراف (وكالة تشغيل مؤقت ، أجير ومستعمل) ليكون التردد على مقر العمل غير كاف لإثباتها لأن وكالة التشغيل تكون طرفا خافيا على أعين الشهود العيان الذين يشهدون بتردد الأجير على مقر المستعمل الشيء الذي يقر به الجميع فكان إلزاما على المحكمة استبعاد شهادة الشهود لأن مضمونها لا يسلط الضوء على نوع العلاقة التي تربط المطلوب بالعارضة واضطرت لمناقشة الأجر الذي لا تؤديه ولا علم لها بقدره والأقدمية التي لا اطلاع لها على مدتها وظروف وملابسات إنهاء عقد الشغل الذي لا علم لها بها لأنه عقد يربط المطلوب بمشغلته شركة ترياد واعتمدت الأجر والأقدمية وظروف إنهاء العقد المصرح بها من طرف الأجير دون أن تفسح المجال لوكالة التشغيل بالمناقشة لأنها اعتبرتها بدون صفة ، لذلك فمحكمة الاستئناف لما اعتبرت أن شهادة الشهود شكلت حجة كافية ودليلا قويا ومقبولا على قيام علاقة الشغل بين الطرفين واستمرارها خلال المدة موضوع الدعوى مما جعل المحكمة تطمئن إليها وتعتمدها » يكون استنتاجها خاطئا وقرارها ناقص التعليل وغير مرتكز على أساس ومعرضا للنقض.حيث تبين صحة ما عابته الطاعنة على القرار ، ذلك أنه من الثابت من وثائق الملف كما هي معروضة على محكمة الاستئناف مصدرته دفعت وبمقتضى جوابها أن نشاطها المرتبط باستيراد وتسويق الأسمدة الزراعية يكتسي طابعا موسميا وتحتاج إلى يد عاملة غير دائمة وتحتم عليها اللجوء إلى مقاولات التشغيل المؤقت لتمد هذه الأخيرة بأجرائها وتضعهم رهن إشارتها لمدة معينة من موسم لآخر ، وأنها ومنذ 1/9/2001 لجأت إلى الوساطة في التشغيل مع وكالات خصوصية متعددة ، فأبرمت مع شركته « ترياد » وب 1/1/2005 وهي وكالة مختصة في التشغيل المؤقت عقدا كتابيا لإدارة الإجراء ، وأنه بطلب من الطاعنة وضعت المطلوب رهن إشارتها وقد عززت ذلك بصدده لعقد يربط بين الطرفين والتمست إدخالها في الدعوى ، وأدلت المدخلة بمذكرة أقرت فيها بعلاقة الشغل المؤقت مع المطلوب وأدلت بعقد وشهادة وورقة أداء أجر ، إلا أن المحكمة استبعدت الوثائق المدلى بها ، واعتبرت علاقة الشغل قائمة بين الطالبة والمطلوب استنادا لشهادة الشهود المستمع إليهم خلال المرحلتين الابتدائية والاستئنافية ودون أن تلتفت إلى باقي الوثائق الكتابية مع أن هذه الأخيرة تغني عن شهادة الشهود ، كما أنه طبقا لمقتضيات المادة 477 من مدونة الشغل الفقرة ج فإنه يمكن « تشغيل إجراء بهدف وضعهم مؤقتا رهن إشارة شخص ثالث يسمى المستعمل يحدد مهامهم ويراقب تنفيذها » ، كما أن المادة 495 من نفس القانون تحيل على الفقرة ج من نفس المادة ، حيث جاء فيها بأنه « يقصد بمقاولات التشغيل المؤقت كل شخص اعتباري مستقل عن السلطة العمومية يقتصر عمله على ممارسة النشاط المشار إليه في الفقرة ج من المادة 477 » وبذلك فإن دور الطالبة قد انحصر في صفة المستعمل وتبقى علاقة الشغل قائمة مع شركة « ترياد » مما تكون معه المحكمة قد بنت قرارها على تعليل فاسد ، وخرقت المقتضيات المستدل بها وعرضت قرارها للنقض.

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه

logo-footer