تعليق على قرار
المجلس الأعلى (الرباط)قرار عدد : 180 بتاريخ 20030424ملف عدد : 277/2/99
حكم أجنبي – التطليق – تذييله بالصيغة التنفيذية.
لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.
لا يوجد نص قانوني يستثني الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية في قضايا الأحوال الشخصية من إمكانية تذييلها بالصيغة التنفيذية متى تحققت الشروط المنصوص عليها قانونا.
إن رفض المحكمة تذييل الحكم بالتطليق بالصيغة التنفيذية لمجرد أنه صدر عن قضاة غير مسلمين دون أن تبحث في الشروط المنصوص عليها قانونا يجعل قضاءها غير مؤسس.
باسم جلالة الملك
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه بالنقض عدد 4180 الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 1/6/98 في الملف عدد 2393/97 أن الطالبة بوحديد ليلى تقدمت بمقال إلى ابتدائية الرباط أدت عنه بتاريخ 30/11/9 في مواجهة المطلوب في النقض عبد الجليل العيدي ادعت فيه أنها كانت زوجته وعلى إثر خلافات بينهما استصدرت حكما بتطليقها منه من المحاكم البلجيكية ، وبناء على مقتضيات الفصل 431 من ق.م.م التمست تذييل الحكم المذكور بالصيغة التنفيذية حتى يصبح قابلا للتنفيذ على المستوى الوطني وأرفقت المقال بنسخة من الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ببروكسيل بتاريخ 21/06/9 في الملف عدد 312/31/9 وترجمته إلى اللغة العربية وشهادة بتبليغه وأخرى بعدم الطعن فيه بالتعرض أو الاستئناف وترجمتها إلى اللغة العربية. وأجاب المدعى عليه بأنه ليس هناك اتفاقية للتعاون القضائي بين المغرب وبلجيكا ، والطلب يشكل مساسا بالنظام العام المغربي ، ملتمسا رفضه وبعد تبادل المذكرات حكمت المحكمة الابتدائية برفض الطلب.فاستأنفته الطالبة وأيدته محكمة الاستئناف بعلة أن واجب المحكمة المرفوع إليها طلب إضفاء الصيغة التنفيذية على حكم أجنبي أن تتحقق من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي. ومادام الطلاق من صميم الأحوال الشخصية التي هي من النظام العام المغربي ، ومدونة الأحوال الشخصية تحيل على الراجح والمشهور وما جرى به العمل في الفقه المالكي وهذا الفقه يشترط في القضاء العدالة وهي تستلزم الإسلام إذا فسر خليل العدل بحر مسلم عاقل بالغ إلخ … وبالنظر إلى مكان صدور المطلوب إعطاؤه الصيغة التنفيذية ومقاصده فلم يثبت للمحكمة توفر شرط الإسلام في من أصدره إذ لا ولاية للكافر على المسلم … لذلك فالحكم المطلوب إعطاؤه الصيغة التنفيذية يمس مقتضى من مقتضيات النظام العام المغربي … وهذا هو القرار المطعون فيه بالنقض بوسيلة فريدة متخذة من خرق الفصل 430 من ق.م.م وضعف التعليل المنزل منزلة انعدامه وهي ثلاثة فروع.في شأن الفرع الأول المستدل به على النقض والمتخذ من خرق الفصل 430 من ق.م.م. ذلك أن مقتضيات الفصل المذكور جاءت مطلقة لم تستثن أي مجال من مجالات المنازعة ونفس الأمر بالنسبة لمدونة الأحوال الشخصية واستثناء القرار لقضايا الأحوال الشخصية من إمكانية تذييل الأحكام الصادرة في إطارها بالصيغة التنفيذية مخالف للصواب يعرض القرار للنقض.حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار المطعون فيه ، ذلك أن الفصلين 430 و431 من ق.م.م قد بينا الشروط التي يجب توفرها في تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية ولم يستثنيا من ذلك الأحكام الصادرة في مادة الأحوال الشخصية وكان على المحكمة أن تبحث في توافر الشروط المذكورة لتبني قرارها على ما نص عليه القانون ولما لم تفعل فإنها تجعل لما قضت به أساسا وعرضت قرارها للنقض.
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة لبحث باقي فروع الوسيلة.قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالة القضية على نفس المحكمة لتبت فيها بهيئة أخرى طبقا للقانون وتحميل المطلوب في النقض المصاريف.كما قرر إثبات قراره هذا بسجلات المحكمة المذكورة إثر الحكم المطعون فيه أو بطرته.وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية للمجلس الأعلى بالرباط. وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من :
الأطرافالهيئة الحاكمةرئيس الغرفة السيد ابراهيم بحماني رئيسا والمستشارين السادة : أحمد ملجاوي مقررا ومحمد وافي ومحمد دغبر وعبد السلام بوزيدي أعضاء ، وبمحضر المحامي العام السيد عبد الغني فايدي ومساعدة كاتبة الضبط السيدة ابتسام الزواغي.
التعليق :
مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية :
الإطار القانوني العام :
تجد مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية تأصيلها بالمادة 430 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على :
لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودها .
يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته ،وأن تتأكد أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي.
والمادة 430 من قانون المسطرة المدني تنص على أنه :
يقدم الطلب – إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذلك – بمقال يرفق بما يلي:
1 – نسخة رسمية من الحكم؛
2 – أصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه؛
3 – شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستيناف والطعن بالنقض؛
4 – ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف.
يصدر الحكم بإعطاء الصيغة التنفيذية في جلسة علنية.
يكون الحكم القاضي بمنح الصيغة التنفيذية في قضايا انحلال ميثاق الزوجية غير قابل للطعن، ماعدا من لدن النيابة العامة**
الاختصاص المكاني:
يرجع الاختصاص للبث في الطلبات المتعلقة بالتذييل بالصيغة التنفيذية إلى المحكمة الابتدائية لموطن المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودها .
وبالتالي فإن المساطر تقدم إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد بها الطرف الثاني في العقد ، وحيث إن هذه الأحكام هي أجنبية فإن الاختصاص ينظر فيه إلى مكان التنفيذ .
وحيث إن المادة 431 من مدونة الأسرة تتيح للنيابة العامة باستئناف الأحكام الصادرة بالتذييل بالصيغة التنفيذية ،فإنها تعتبر خصما .
ومن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة الابتدائية حتى لموطن إقامة المدعي ماذامت النيابة العامة متواجدة بدائرة نفوذها باعتبارها مدعى عليه.وهو موكان تنفيذ الحكم الأجنبي.
الاختصاص النوعي :
المشرع المغربي وفي قانون رقم 10-34# الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011 المغير و المتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 الموافق لتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك عن طريق مادة فريدة تغير وتتمم الفصول 1و2و4و6و7و24 من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي
وبناء على مقتضيات الفصل الأول أعلاه، يتبين أن المشرع المغربي أدخل تغييرا مهمة على تنظيم المحاكم المغربية في ما يخص تأليف المحاكم الابتدائية فإن الفصل الثاني من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي أصبح ينص على ما يلي: » تتألف المحاكم الابتدائية من:
رئيس و قضاة وقضاة نواب،
نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه أو عدة نواب،
من كتابة الضبط،
من كتابة النيابة العامة
… »
من خلال مقتضيات الفصل أعلاه يلاحظ أن تأليف المحاكم الابتدائية بقي كما كان سابقا، إلا أن المشرع أدخل بعض الإصلاحات و الإضافات من خلال تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب# وغرف مدنية وتجارية وعقارية و اجتماعية وزجرية.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي أبقى على اختصاص قسم قضاء الأسرة التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية و الميراث، و الحالة المدنية و شؤون التوثيق والقاصرين والكفالة، وكل ماله علاقة برعاية و حماية الأسرة، حيث أن التعديل الذي أدخله المشرع على هذا الفصل بتاريخ 03 فبراير 2004# والذي جاء موازيا لصدور مدونة الأسرة، وضع استثناءً إذ منح الاختصاص لأقسام قضاء الأسرة وحدها دون غيرها من الغرف التي تتألف منها المحاكم الابتدائية ،في كل ماله علاقة بالأسرة، سواء كان واردا بالمدونة نفسها شأن الزواج و الطلاق،الأهلية والنيابة الشرعية، والوصايا و المواريث، أو كان واردا بغيرها من النصوص الخاصة، كما هو الحال بالنسبة لكفالة الأطفال المهملين وشؤون القاصرين والتوثيق، والحالة المدنية….
ومن تم فإن المحاكم الابتدائية قسم قضاء الأسرة هي المختصة للنظر في الدعوى المتعلقة بالتذييل للأحكام الأجنبية المتعلقة بالتطليق.
الشروط الشكلية والموضوعية لقبول الدعوى :
تنص المادة 128 من مدونة الأسرة المغربية أن « المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا لأحكام هذا الكتاب, تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية.
الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها المدونة لإنهاء العلاقة القانونية «
من خلال هذه المادة وكذا المادة 430و431 من قانون المسطرة المدنية ،يتضح انه يجب أن تتوافر الشروط التالية :
1- أن يكون الحكم صادر من محكمة أجنبية .
2- أن يكون الحكم صادر عن محكمة أجنبية مختصة .
3- أن يكون الحكم قد أسس على أسباب غير مخالف للنظام العام المغربي .
4- أن يرفق الطلب بأصل الحكم وشهادة تبليغ أو ما يقوم مقامها وشهادة تفيد نهائية الحكم
.
تطبيقات من الاجتهاد القضائي لهذه القواعد :
في حكم للمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء عدد 840 بتاريخ 07-06-2004
رفضت المحكمة تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية بعد أن تبين لها انه قضى بالطلاق بين المدعية وزجها كما قضى بنفقة الزوج على زوجته بملغ 229 خالدة شهريا ابتدءا من تاريخ تسجيل الحكم بالطلاق.
وحيث أن الحكم المذكور بإلزامه للزوج بأدائه نفقة الزوجة رغم أنه قضى بإنهاء العلاقة الزوجية بينهما يكون مخالفا للنظام العام المغربي، ذلك لأن الزوجة إنما تستحق نفقتها الواجبة على زوجها مادام أن العلاقة الزوجية قائمة بينهما.
وحيث طالما أن الحكم الأجنبي المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية مخالف للنظام العام المغربي فإن الطلب غير ذي أساس ويتعين التصريح برفضه »
حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء قسم قضاء الأسرة في حكم عدد 138 بتاريخ 26-01-04
حيث رفضت منح الصيغة التنفيذية لحكم أجنبي قضي بطلاق اتفاقي للمدعية من زوجها، وحيث أنه بعد إطلاع المحكمة على الحكم تبين لها من وقائعه أن المعنيين بالأمر تزوجا بعقد مدني بتاريخ 28/12/1992 أمام ضابط الحالة المدنية لجماعة كمبير بدون عقد زواج، وهو ما يعتبر مخالفا لمدونة الأحوال الشخصية التي تشترط لانعقاد الزواج حضور شاهدين عدلين سامعين للإيجاب والقبول من طرف الزوجين في مجلس واحد، زيادة على ما ذكر فإن الحكم المذكور قضى بقسمة ومنافع الملكية للطرفين وهو ما يعتبر كذلك مخالفا للمدونة باعتبار أن ذمة كل زوج مستقلة عن ذمة الزوج الآخر.
وحيث إن الحكم الأجنبي الذي قضى بقسمة الأموال المشتركة والذي قضى بتطليق المدعية من المدعى عليه بناءا على عقد زواج مدني يكون مخالفا للنظام العام المغربي باعتبار أن طرفي الدعوى من المغاربة المسلمين، فإن الطلب غير ذي أساس ويتعين التصريح برفضه »
القــرار محكمة النقض عـدد 268 الصادر بتاريخ 17ماي2011 في الملف الشرعي عــــدد 779/2/1/2010
تعليل المحكمة قرارها بأن ” الأحكام الأجنبية تشكل طبقا للفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود حجة على الوقائع والتصرفات التي تثبتها متى كان إثبات هذه الوقائع تسري عليه أحكام القواعد العامة المنظمة في قانون الالتزامات والعقود أما إذا كان الأمر يتعلق بواقعة الطلاق الشرعي ، فإن المعتمد في إثباتها هو ما نصت عليه أحكام مدونة الأسرة لا غير، وهي الأحكام المنظمة في المادة 78 وما يليها من مدونة الأسرة، بحيث لا يعتد بالطلاق إلا بما تنحل به العلاقة الزوجية شرعا وتحت مراقبة القضاء الوطني، في حين يبقى ما يصدر عن القضاء الأجنبي في هذا الإطار معلقا على تذييله بالصيغة التنفيذية طبقا لمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة الذي يحيل بدوره على الفصلين 430 و431 من قانون المسطرة المدنية وهي المسطرة التي قد تؤدي إلى شرعنة الطلاق المقضي به من طرف الحكم الأجنبي بين طرفين مغربيين مسلمين” يؤدي إلى خرق الاتفاقيات الدولية التي عقدها المغرب و تترتب عنه نتائج خطيرة تتعلق بالإرث بحيث إن الحكم الأجنبي يعتبر نافذا بالبلد الذي صدر فيه، ويخول لكل من المطلقين ربط علاقة زوجية، بمن يريد دون انتظار تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية، والقول بأن الحكم الأجنبي لا أثر له إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية يخول للمطلقة المطالبة بالنفقة ولو تزوجها رجل آخر بعد تطليقها بحكم أجنبي، وهذا النظر لا أساس له في القانون.
الأستاذ نقيرة عبد الغني : الهاتف 0522260432 المحامي بالدارالبيضاء مقبول للترافع بمحكمة النقض Nkairalawfirm.com 0522260432
Write a comment: